القائمة الرئيسية

الصفحات

التلفظ بالنية .. و هل هي بدعة ؟؟ و اقوال الأئمة الأربعة ( الشافعي ، الحنفي ، الحنبلي ، المالكي ) و العلماء فيها

                      بسم الله الرحمن الرحيم 


- التلفظ بالنية : 


فالتلفظ بالنية من المسائل الفقهية الفرعية التي وقع فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى على قولين:

الأول: أن التلفظ بالنية مستحبٌ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.

قال الإمام الحصكفي الحنفي في الدر المختار عند كلامه عن نية الوضوء:(والجمع بين نية القلب وفعل اللسان هذه رتبة وسطى بين من سن التلفظ بالنية ومن كرهه لعدم نقله عن السلف).

وقال ابن عابدين في حاشيته تعليقاً على ذلك : (قوله: "هذه" أي الطريقة التي مشى عليها المصنف حيث جعل التلفظ بالنية مندوباً لا سنة ولا مكروهاً).

قال الإمام عثمان الزيلعي الحنفي في كتابه تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق:(والشرط أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي وأدناه أن يصير بحيث لو سئل عنها أمكنه أن يجيب من غير فكرة، وأما التلفظ بها فليس بشرط ولكن يحسن لاجتماع عزيمته).

وقال الإمام النووي الشافعي رحمه الله تعالى في المجموع :(النية الواجبة في الوضوء هي النية بالقلب ولا يجب اللفظ باللسان معها، ولا يجزئ وحده وإن جمعهما فهو آكد وأفضل، هكذا قاله الأصحاب واتفقوا عليه).

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في الإنصاف:(يستحب التلفظ بها سراً وهو المذهب، قدمه في الفروع وجزم به ابن عبيدان والتلخيص وابن تميم وابن رزين. قال الزركشي: هو الأولى عند كثير من المتأخرين).

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع:(واستحبه: أي التلفظ بالنية سرا مع القلب كثير من المتأخرين ليوافق اللسان القلب).

*- الثاني: أن التلفظ بالنية جائز، وترك التلفظ بها أولى، وهذا مذهب المالكية، وهو وجه عند الحنابلة غير معتمد.
قال العلامة الدردير المالكي رحمه الله تعالى في الشرح الكبير:("ولفظه" أي تلفظ المصلي بما يفيد النية كأن يقول نويت صلاة فرض الظهر مثلاً "واسع" أي جائز بمعنى خلاف الأولى. والأولى أن لا يتلفظ لأن النية محلها القلب ولا مدخل للسان فيها).

قال العلامة الدسوقي المالكي رحمه الله تعالى في حاشيته على الشرح الكبير:(لكن يستثنى منه الموسوس فإنه يستحب له التلفظ بما يفيد النية ليذهب عنه اللبس كما في المواق).

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في الإنصاف:( لا يستحب التلفظ بالنية على أحد الوجهين, وهو المنصوص عن أحمد قاله الشيخ تقي الدين).

وعموماً فالمسألة من المسائل الخلافية التي لا يجوز الإنكار فيها، ولكلٍ من القولين حججه، ولم نقف على قولٍ معتبر يجعل التلفظ بالنية من البدع المحرمة المنكرة .


- قول الامام ابن القيم : 


فمن أبدع ما قيل في التلفظ بالنية ما سطره الإمام ابن القيم في (زاد المعاد) في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة حيث قال: "(وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال "الله أكبر" ولم يقل شيئاً قبلها ولا تلفظ بالنية ألبتة، ولا قال أصلي لله كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال أداءً ولا قضاء، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا سند مرسل لفظةً واحدة منها ألبتهَ، بل ولا عن أحدٍ من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعي رضىِ الله عنه في الصلاة إنها ليست كالصيام، ولا يدخل فيها أحدَّ إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلي بالنية، وإنما أراد الشافعي بالذكر:تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعي أمراً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدٍة، ولا أحد من خلفائه وأصحابه، وهذا هديهم وسيرتهم، فإن أوجدنا أحد حرفاً واحداً عنهم في ذلك قبلناه، وقابلناه بالتسليم والقبول، ولا هدي أكمل من هديهم ولا سنه إلا ما تلقوه من صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم) " انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم.

- و لا نزيد على كلام ابن القيم شيئاً فما ثبت عن الرسول قبلناه ؛ و ما لم يثبت رددناه .


              والله وليُّ التوفيق 

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. جزي الله خيراً شيخنا ابن القيم رحمه الله
    و جزاكم الله خير على التوضيح

    ردحذف

إرسال تعليق