القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الناقض الخامس من نواقض الاسلام

               بسم الله الرحمن الرحيم   

شرح الناقض الخامس : من أبغض شيئا من الدين .

قال رحمه الله:(من أبغض شيئا مما جاء  به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به؛كفر).

وهذا باتفاق العلماء ؛كما نقل ذلك صاحب "الاقناع"وغيره.

وبغض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم -سواء كان من الاقوال أو الأفعال -نوع من أنواع النفاق الاعتقادي  الذي صاحبه في الدرك الأسفل من النار .

فمن أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ،أمرا كان او نهيا ،فهو على خطر عظيم.

فمن ذلك لا يتفوه به كثير من الكتاب الملحدين الذين تغدوا بألبان الإفرنج،وخلعوا رقبة الإسلام من رقابهم من كراهيتهم لتعدد الزوجات؛ فهم يحاربون تعدد الزوجات بشتى الوسائل ،وما يعلم هؤلاء أنهم يحاربون الله ورسوله،وأنهم يردون على الله أمره.

ومثل هؤلاء في الكفر والبغض لما جاء به الرسول من يكره كون المرأة ليست بمنزلة الرجل؛ككرههم أن تكون دية المرأة نصف دية  الرجل ،وأن شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد ،وغير ذلك ؛فهم مبغضون لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" الحديث،متفق عليه،من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

فلذلك تجدهم يمدون ألسنتهم نحو هذا الحديث العظيم:إما بصرفه عن ظاهره ،وإما بتضعيفه،بحجة أن العقل يخالفه ،وإما بمخالفته للواقع ..وغير ذلك مما هو دال ومؤكد لبغضهم لما جاء به الرسول .

وهؤلاء كفار ،وإن عملوا بمدلول النص ،فهم لم يستكملوا شروط (لا إله إلا الله)لأن من شروطها : المحبة لما دلت عليه ،والسرور بذلك،وانشراح الصدر ،وهؤلاء ضاقت صدورهم وحرجت وأبغضوا ما دلت عليه وهذا هو عين فعل المنافقين ،الذين يفعلون كثيرا من محاسن الشريعة الظاهرة لشيء ما ،مع بغضهم لها.

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :"من قال:لا إله إلا الله خالصا من قبله؛ دخل الجنة "،فقوله :"خالصا من قلبه "خرج بذلك المنافق ؛لأنه لم يقلها خالصة من قلبه ،وإنما قالها ليعصم دمه وماله .

قال الله تعالى حاكما بكفر من أكره  ما أنزل على رسوله:(والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم* ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )[محمد: 8-9].

فالله جل وعلا أحبط أعمالهم ،وجعلها هباء منثورا ؛بسبب كراهيتهم ما أنزل على رسوله من القرآن الذي جعله الله فوزا وفلاحا للمتمسكين به ،والمؤتمرين بأمره،المنتهين عن نهيه.

وكل من كره ما أنزل الله ؛فعمله حابط،وإن عمل بما كره؛كما قال تعالى :(ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )[محمد:28].

وهذا من أعظم مايخيف المسلم :أن يكون كارها لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد يكمن هذا في النفس ،ولا يشعر به إلا بعد برهة من عمره،ولذلك ينبغي الإكثار من قوله "يا مقلب القلوب !ثبت قلبي على دينك"؛لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرا من الناس قد تبين له منكرا ما،فيرفض القبول ،ولا يقبل ما تقول؛خصوصا عند ارتكابه ،فهذا لا يطلق عليه أنه مبغض لما جاء به الرسول دون تفاصيل ؛لأنه قد لا يقبل الحق الذي جئته به ،لا لأنه حق،ولكن لسوء تصرفك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلو جاءه غيرك،وبين له نفس المنكر ،لقبل وانقاد،أو أنه لا يقبل منك لما بينك وبينه من شيء ما،فهذا لا يسمى مبغضا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهناك من الناس من يلزم صاحب المعصية بما لا يلزم ،فيلزم حالق اللحية ومسبل الإزار وشارب الخمر  مثلا وغيرهم ببغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بإعفاء اللحية وعدم الإسبال  والنهي عن شرب الخمر ،فيقول لهم:لولا أنكم تبغضون ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ،لما فعلتم هذه المنكرات.

وهذا إلزام باطل؛فهناك من الصحابة من حصلت منه بعض المخالفات -كشرب الخمر مثلا -ولم يلزمه أحد من الصحابة بذلك الإلزام ،بل لما أتى بشارب الخمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،ولعنه بعض الصحابة وقال:ما أكثر ما يؤتى به !نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنه ،وقال :"إنه يحب الله ورسوله".

وإلزام هؤلاء بذلك يقتضي إخراج أهل الكبائر من الإسلام ،وهذا مخالف لمعتقد أهل السنة والجماعة من أهل الكبائر تحت المشيئة :إن شاء الله عفا عنهم وإن شاء عذبهم على قدر جرمهم ،ثم مآلهم إلى الجنة.

                              والله أعلم.

لا تنسونا من صالح دعائكم .

تعليقات