القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الناقض السادس من نواقض الاسلام

             بسم الله الرحمن الرحيم   

شرح الناقض السادس : من استهزأ بشيء من الدين .

قال رحمه الله: ((من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو ثوابه، أو عقابه؛ كفر، والدليل قوله تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [72])).الاستهزاء بشيء مما جاء به الرسول كفر بإجماع المسلمين، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء؛ كما لو هزل مازحاً.وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهم عن عبد الله ابن عمر؛ قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوماً: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء: أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المجلس: كذبت! ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل القرآن. قال عبد الله: فأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو يقول: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونلعب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) [73].

فقولهم: "إنما كنا نخوض ونلعب"؛ أي: إننا لم نقصد حقيقة الاستهزاء، وإنما قصدنا الخوض واللعب، نقطع به عناء الطريق، كما في بعض روايات الحديث، ومع ذلك كفَّرهم الله جل وعلا؛ لأن هذا الباب لا يدخله الخوض واللعب؛ فهم كفروا بهذا الكلام، مع أنهم كانوا من قبل مؤمنين.وأما قول من قال: "إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولاً بقلوبهم"؛ فقد رده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقال: "إن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يُقال: (قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [74]، فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر" .فمن استهزأ بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كالاستهزاء بالعلم الشرعي وأهله لأجله، وكالاستهزاء بثواب الله وعقابه، والاستهزاء بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من أجل أمرهم به أو نهيهم عنه، وكالاستهزاء بالصلاة سواء كانت نافلة أو فريضة، وكذلك الاستهزاء بالمصلين لأجل صلاتهم،وكذلك الاستهزاء بمن أعفى لحيته لأجل إعفائها، أو بتارك الربا لأجل تركه؛ فهو كافر.والاستهزاء بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات المنافقين؛ كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [76].وقد قسم غير واحد من أهل العلم ؛ الاستهزاء بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قسمين:أحدهما: الاستهزاء الصريح؛ كالذي نزلت فيه الآية وهو قولهم: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء: أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء"، أو نحو ذلك من أقوال المستهزئين.الثاني: غير الصريح: وهو البحر الذي لا ساحل له، مثل: الرمز بالعين، وإخراج اللسان، ومد الشفة، والغمزة باليد عند تلاوة كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.ويجب على كل مسلم أن يصارم المستهزئين بدين الله وبما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو كانوا أقرب الناس إليه، وأن لا يجالسهم، لئلا يكون منهم؛ كما قال الله جلا وعلا: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) [78].فمن سمع آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها وهو جالس معهم مع رضاه بالجلوس معهم، فهو مثلهم في الإثم والكفر والخروج عن الإسلام؛ كما قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) [79]، أي: شبهاءهم ونظراءهم . 

لا تنسونا من صالح دعائكم 

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. بارك الله فيك اخى محمد السليمان وزادك علما ونفعنا بعلمك
    وجعله فى ميزان حسناتك

    ردحذف

إرسال تعليق