القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الناقض الرابع : من اعتقد ان غير هدي النبي عليه الصلاة و السلام أكمل من هديه

             بسم الله الرحمن الرحيم   

- شرح الناقض الرابع : من اعتقد ان غير هدي النبي صلى الله عليه و سلم أكمل من هديه ؛ او حكم غيره احسن من حكمه .

قال رحمه الله :(ومن اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم  أكمل من هديه ،أو حكم غيره أحسن من حكمه؛كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه).

المسألة الأولى:أما المسألة الاولى وهي: "من اعتقد أن غير هدي النبي  صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ،فهي مسألة عظيمة خطيرة ،تردي بمعتقدها إلى الجحيم؛لأن ذلك مصادمة للمنقول والمعقول.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة الجمعة :"أما بعد ؛

فإن خير الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمد".أخرجه مسلم 60

وغيره من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به .

فلا شك ولا ريب أن هدي محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي؛لأنه وحي يوحى إليه؛كما قال الله جل وعلا :(إن هو إلا وحي يوحى )[61].

ولذلك أجمع العلماء الذين يعتد بإجماعهم على أن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي ،وأنها مستقلة بتشريع الأحكام ،وهي كالقرآن في التحليل والتحريم .

ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال لعمر لما رأى معه كتابا أصابه من بعض أهل الكتاب"أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده ؛لقد جئتكم بها بيضاء نقية .."الحديث،

أخرجه أحمد وغيره وفي إسناده مجالد بن سعيد قال عنه أحمد ليس بشيء وضعفه يحيى بن سعيد وابن مهدي وغيرهما .

فشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع،وهي أسهلها وأيسرها ؛كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أحب الأديان إلى الله  الحنيفية السمحة". أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وعلقه في صحيحه بصيغة الجزم ،وحسنه الحافظ بن حجر في الفتح من حديث ابن عباس .

فكيف مع ذلك يكون هدي غيره أكمل من هديه ،وقد جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال :"والذي نفسي بيده؛لو كان موسى بين أظهركم ،ثم اتبعتموه وتركتموني ،لضللتم ضلالا بعيدا"؟! 

والله جل وعلا قد امتن على هذه الأمة بأن أكمل لها الدين وأتم عليها النعمة ،وذلك بواسطة محمد صلى الله عليه وسلم.

فقال تعالى:(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )[62].

فما رضيه الله لنا ؛فنحن نرضاه؛لأنه الدين الذي أحبه ورضيه وبعث فيه أفضل المرسلين.

قال الله تعالى:(إن الدين عند الله الاسلام )[63].وقال تعالى:(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )[64].

فكل من ابتغى غير هذا الدين ؛فهو من الكافرين.

وأما المسألة الثانية:وهي:"من اعتقد أن حكم غيره أحسن من حكمه ،كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه"،فهذا كافر بإجماع أهل العلم ،ومن هؤلاء الكفار الذين يفضلون أحكام  الطواغيت الوضعية على حمم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء كفار؛لتفضيلهم أحكام أناس مثلهم- بل قد يكونون دونهم-على حكم رسول رب العالمين ،الذي بعثه الله هدى للعالمين ،وليخرج الناس من الظلمات إلى النور. قال تعالى:(الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد).

وينبغي لكل مسلم ومسلمه أن يعلم أن حكم الله ورسوله مقدم على كل حكم،فما من مسألة تقع بين الناس؛إلا ومردها إلى حكم الله ورسوله ،فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله ؛فهو كافر؛كما ذكر الله ذلك في سورة النساء :فقال تعالى:(ألم تر  إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا )الأية إلى أن قال جل وعلا :(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلمو تسليما )[66].

أقسم الله عز وجل بنفسه أنهم لا يؤمنوا حتى يستكملوا ثلاثة أشياء:

1- أن يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور .

2-أن لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضى به .

3-أن يسلمو تسليما كاملا لحكمه .

وكيف يرضى العاقل أن تجري عليه أحكام المخلوقين التي هي نحاتة أفكار وزبالة أذهان بدلا من حكم الله الذي أنزله على رسوله،ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ؟!

وكذلك أيضا فإن أحكام المخلوقين مبنية على الظلم والجور وأكل أموال الناس بالباطل .

وانظروا ماذا حل بكثير من الدول لما خرجوا عن حكم الله ورسوله،ورضوا بأحكام المخلوقين ؟!الظلم ديدنهم ،والباطل والفجور جار بينهم ،من غير منكر ولا نكير،نشأ على هذا الصغير،وهرم عليه الكبير ،حتى تغيرت فطرهم ،فهم يعيشون معيشة بهيمية ،وهكذا يعيش كل من خرج عن حكم الله ورسوله صلى لله عليه وسلم. قال الله تعالى :(من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)[المائدة:67]

والحكم بما أنزل الله،واعتقاد أن حكم الرسول أحسن من حكم غيره :من مقتضيات شهادة أن (لا إله إلا الله)،و من زعم أن حكم غير الرسول أحسن من حكم الرسول؛فهذا لم يعرف معنى(لا إله إلا الله)،بل أتى بما ينقضها؛لأن الانقياد شرط من شروط هذه الكلمة العظيمة ، التي بها قامت السموات والأرض،ومن أجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ،ومن أجلها شرع الجهاد،ومن أجلها افترق الناس إلى شقي وسعيد،فمن عرفها وعمل بها مستكملا شروطها وأركانها ؛فقد تبرأ من حكم غير الله ورسوله.

وقد تغيرت الأحوال ،خصوصا في هذا الزمان الذي يشبه أزمان الفترات ،فاعتاضوا عن كلام الله ورسوله وحكم الله ورسوله بأرآء اليهود والنصارى،الذين لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة ،ورضوا بتحكيم آراء الرجال.

فإلى الله المشتكى ،وبه المستعان ،وعليه التكلان،ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ويدخل فيما تقدم من الكفر والضلال قول من يقول :إن إنفاد حكم الله في رجم الزاني المحصن وقطع يد السارق لا يناسب هذا العصر الحاضر ؛فزماننا قد تغير عن زمن الرسول والدول الغربية تعيبنا في هذا !! فهذا المأزق قد زعم أن حكم أهل هذا العصر أحسن من حكم النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى سبيلا .

وكذلك يدخل في ذلك من قال: إنه يجوز في هذا العصر الحكم بغير ما أنزل الله!!لأنه قد استحل محرما مجمعا على تحريمه.

                           والله أعلم.

لا تنسونا من صالح دعائكم .

تعليقات