القائمة الرئيسية

الصفحات

هل قول ( صدق الله العظيم ) بدعة ؟؟ و هل تقبيل المصحف بدعة ؟؟

             بسم الله الرحمن الرحيم 

- هل قول ( صدق الله العظيم ) بدعة بعد الانتهاء من قراءة القرآن ؟ هل تقبيل القرآن بدعة ؟؟ 


- حكم تقبيل القرآن ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلفت أقوال الفقهاء في هذه المسألة، وفيها عن الإمام أحمد -رحمه الله- روايتان:


إحداهما الجواز والأخرى التوقف،

قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئاً مأثوراً عن السلف،

وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف، فقال: ما سمعت فيه شيئاً، ولكن روي عن عكرمة ابن أبي جهل أنه كان يفتح المصحف، ويضع وجهه عليه ويقول: كلام ربي، كلام ربي. انتهى.فأثر عكرمة رضي الله عنه هو وجه القول بالجواز، وقد روى هذا الأثر الحاكم في المستدرك، والطبراني في الكبير، عن ابن أبي مليكة رحمه الله.


وأما وجه القول بالتوقف، أو الكراهة على ما هو عند فقهاء المالكية، فهو أن ما طريقه القٌرَب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله -وإن كان فيه تعظيم- إلا بتوقيف، وقد أيدوا هذا القول بما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبَّل الحجر وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك.

وبما رواه أحمد عن أبي الطفيل قال: كنت مع معاوية وابن عباس رضي الله عنهما، وهما يطوفان حول البيت، فكان ابن عباس يستلم الركنين، وكان معاوية يستلم الأركان كلها، فقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلم إلا هذين الركنين: اليماني والأسود، فقال معاوية : ليس في البيت شيء مهجور.

وفي رواية الطبراني في الأوسط من طريق مجاهد : فقد قال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة، فقال معاوية: صدقت.ولعل القول بالكراهة هو الأولى، لأن ذلك نوع من أنواع التعبد يتوقف على الدليل، ولهذه الآثار.



- حكم قول ( صدق الله العظيم ) :




هل من الصواب أن يقول المسلم : " صدق الله العظيم " بعد قراءة القرآن وهل هي واردة ؟


لم يرد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا أحدًا من صحابته أو السلف الصالح أنهم كانوا يلتزمون بهذه الكلمة بعد الانتهاء من تلاوة القرآن . فالتزامها دائمًا واعتبارها كأنها من أحكام التلاوة ومن لوازم تلاوة القرآن يعتبر بدعة ما أنزل به من سلطان .أما أن يقولها الإنسان في بعض الأحيان إذا تليت عليه آية أو تفكر في آية ووجد لها أثرًا واضحًا في نفسه وفي غيره فلا بأس أن يقول : صدق الله لقد حصل كذا وكذا . .

 قال تعالى : { قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } [ سورة آل عمران : آية 95 ] .

يقول سبحانه وتعالى : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا } [ سورة النساء : آية 87 ] .

والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ( إن أصدق الحديث كتاب الله )

 فقول : " صدق الله " في بعض المناسبات إذا ظهر له مبرر كما لو رأيت شيئًا وقع، وقد نبه الله عليه سبحانه وتعالى في القرآن لا بأس بذلك.

منقول من الشاملة



- الجواب عن الشبهات الواردة في هذه المسألة : 


الشُبهة الأولى: قد يَستَدِلُ البَعضُ على جوازِها بقولِه –تعالى- (قُل صَدَق الله فاتَّبِعوا مِلَّة إبراهيم حِنيفًا) [آل عِمران: 95]، وقولِه (ومَن أصدَقُ مِن الله حَديثًا) [النِّساء: 87]، وقولِه (ومَن أصدَقُ مِن الله قِيلا) [النِّساء: 122]،
فهو استدلال مَردودٌ مِن غَير وَجه:
 بُمراجَعَةِ أسباب نُزولِ الآية الأولى؛ يَتَبَيُّن أنَّ مَعنى الآية: "أي ظَهَرَ وثَبَت صِدقَه في أنَّ (كُل الطَّعام كان حِلا لِبَني إسرائيل إلا ما حَرَّم إسرائيلُ على نَفسِه مِن قَبْلِ أن تُنَزَّلَ التَّوراة) [آل عِمران: 93]؛ فلم يَكُن ذلك في التوراة مُحَرَّمًا كما أخَبَر رَبُّنا -تَبارَك وتعالى، وفيه تَعريضٌ بِكذِب اليَّهود الصَّريح"، [راجِع: «تَفسير القُرطبي» ، و«روح المَعاني/ للآلوسي» .

ومِن القواعِد الأصوليَّة الهامَّة أنَّ "العِبرَة بِعُموم اللفظ لا بِخصوص السَّبَب"؛ ولِذَلك فمَعنى الآية –عُمومًا-: "أي قُل يا مُحَمَّد: صَدَقَ اللهُ فيما أخبَرَ بِه وفيما شَرَعَه في القرآن"، كما في «تَفسير ابن كَثير»: (1/ 382، طـ مُطصفى البابي الحَلبي).(2) قُل لي –بِرَبِّك- أين في الآية الكَريمة ما يَدُل على أنَّ الله أمر (أو أرشد) نَبيَّه (صلى الله عليه وسلم) أن يلتَزِمَ قولَ هذه الجُملَة بعد الفراغ مِن تلاوة القُرآن خاصَّةً؟! فمِنَ أينَ لَكم بهذا التَّقييد ؟!! ولو سَلَّمنَا جَدلا أنَّه –تَبارَك وتعالَى- أمرَه بِذَلِك وَحيًا فلَّمَّا لم يُنقَل إلينا عُلِم –بالضَّرورة- أنَّ هذا الاعتقادَ لا أصلَ له البتة! ألم تسأل نفسَك لماذا لم يَفهَمِ النَّبيُ (صلى الله عليه وسلم) أو أحدٌ مِن أصحابِه أو تابِعوهم مِن هذه الآية الكَريمة أنَّ المقصودَ التزامُ قولِها بعد كل تلاوةٍ للقُرآن؟!! أم أنَّك أتيتَ بِمَا لم تأتِ به الأوائِل؟!
 لو ألزمتَ نفسَك بأنَّ المَقصودَ بالآيةِ الكَريمَةِ التزامَ قولِ هذه الجُملَة بعد الفَراغ مِن التلاوة، فأنا ألزِمُك إلزامًا لا انفكاك له –إن شاء الله تعالى- أن تفهمَ أنَّك أثناءَ قِراءَتِك للقُرآن إذا مَررتَ بقولِه تعالى (قُل هو الله أحَد) [الإخلاص: 1] أن تَقطَعَ القِراءة وتَقول: "هو الله أحد"! وإذا مَررتَ بقولِه تعالى (قل يأ أيُّها الكافِرون) [الكافِرون: 1] أن تَقطَعَ القِراءة وتَقول: "يا أيُّها الكافِرون"، وهكذا في باقي الآيات التي استُفتِحَت بِلفظَة (قُل)، فما رأيُّك؟!!
و أضيف انّ الله أمره في هذا الموضع لأن بني اسرائيل قد كذّبوا .
 أمَّا الآيتان الكَريمتان الأخريتان فمعناهما: "لا أحد أصدق مِن الله" [راجع: «تَفسير القُرطبي» .

الشُبهة الثانية: وقد يَستَدِل بَعضُهم بِما [رواه التِّرمذيُ والبَيهَقيُّ] عَن (عَبد الله بن بُريدَة) عَن أبيه –رَضي الله عَنه يقول: رأيتُ النَّبيَ (صلى الله عليه وسلم) يَخطُب، فجاء الحَسَنُ والحُسَين وعليهما قميصان أحمران، يَمشيان ويَعثران، فنزل رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) فحَمَلَهُما فوَضَعَهُما بَينَ يَديه، ثُمَّ قال: "صدق اللهُ (إنَّما أموالُكم وأولادُكم فِتنةٌ) [التَّغابُن: 15]، نَظَرتُ إلى هَذَين الصَّبيين يَمشيان ويَعثران فَلَم أصبِر حتَّى قَطَعْتُ حَديثي وَرَفَعْتُهما"، ثم أخذ في خُطبَتِه. اهـ.
وشاهِد الاستدلال قولُه (صلى الله عليه سلم): "صَدَق الله ...".
وهذا الاستدلالُ فيه نَظَرٌ:
*(1) قولُه (صلى الله عليه وسلم): "صَدَق الله" قبل الآية لا بَعدَها! فهو خارِجُ مَحلِّ النِّزاع، ثُمَّ إنَّه (صلى الله عليه وسلم) اقتصر على "صَدَق الله"، والمُخالِفُ لا يَقتَصِرُ عَليها؛ وإن اقتَصَر فهي بِدْعَةٌ أيضًا؛ لِمَا يأتي في (2).
*(2) عِند تأمُل سَبَب ذِكرِه (صلى الله عليه وسلم) للآية يَتَّضِحُ أنَّه لا دلالة في الحَديث على ما يَزعُمون؛ فهو (صلى الله عليه وسلم) إنَّما قال ذلك لِِبيان صِدْق خَبَرِ الله –تبارَك وتعالى- بأنَّ الأموالَ والأولادَ فِتنَةٌ، ولا أدَلَّ على ذَلِك مِن أنَّه (صلى الله عليه وسلم) لَمَّا رأى الحَسَنَ والحُسَين –رَضي الله عَنهما- يَمشيان ويَعثران اشتَغَل قَلبُه بِهما ولَم يَصبِر حتى قَطَع خُطبَتَه ونَزَل مِن على مِنبَرِه وحَمَل الحَسَن والحُسَين –رَضي الله عَنهما- ووَضَعهما بَينَ يَدَيه؛ فالحَديثُ واقِعَةُ عَين لا تَنهَضُ للاستدلال على حُكمٍ عامٍّ تَعُمُّ به البَلوى، فتأمَل.
*(3) قد يكونُ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قد أخَذَ بِعُموم قَولِه تعالى (قُل صَدَقَ الله) [آل عِمران: 95] في واقِعَةٍ مَا، ولو اقتدى مُكَلَّفٌ بالنَّبي (صلى الله عليه وسلم) في أمرٍ كهذا؛ فاستعمَلَ عمومَ آيَّةٍ في مَوقِفٍ خاص؛ فلا حَرَجَ -إن شاء اللهُ تعالى.ولقد وَقَع هذا مع النَّبي (صلى الله عليه وسلم) في آيَةٍ أخرى؛ فقد ثَبَتَ في [صَحيح مُسلِم] أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وسلم) لَمَّا أيقَظَ عَليًّا وأمَرَه وفاطمةَ –رَضي الله عَنهما- بالصلاة مِن الليل، وقال له علي -رَضي الله عنه-: "إن أرواحنا بيد الله إن شاء بعثنا"،
ولَّى النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يَضرب فَخذَه، ويقول: (وكان الإنسان أكثر شئ جَدلا) [الكهف: 54].
فجعل (صلى الله عليه وسلم) عليًّا –رَضي الله عنه- داخِلا فيها، مع أنَّ سَبَبَ نزولها الكُفار الذين يُجادِلون في القرآن، [انظر: «تفسير القُرطبي» ، «مُذكرة في أصول الفِقه»/ للعلامة (محمد الأمين الشنقيطي) –رَحِمَه الله، ص 235، طـ دار البصيرة بمصر].

الشُبهة الثالثة: وقَد يَستَدِل بَعضُهم على جوازِها بأنَّ الأكثَرون مِن المُسلمين يَلتَزِمون قولَها بعد الفَراغ مِن التلاوة!
وهذه شُبهَة أوهَن مِن بَيتِ العَنكبوت، وتُغني حِكايَتُها عَن رَدِّها، وفسادُها عَن إفسادِها. ومَع ذلك فأقولُ: لقد قال اللهُ –سُبحانَه وتعالى- في كِتابِه العَزيز الذي لا يأتيه الباطِلُ مِن بَين يَديه ولا مِن خَلفِه: (وإن تُطِع أكثَرَ مَن في الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبيلِ الله) [الأنعام: 116]، وقال (ومَا أكثَرُ النَّاسِ ولو حَرَصتَ بِمؤمِنين) [يوسف: 103].
 وتأمَل –بَارَكَ اللهُ فيك- آياتِ القُرآن التي وَرَدَت فيها كَلِمَة الكثرة واشتقاقاتُها تَجِدْها جَميعًا –بلا استثناء- تُقَرِّرُ أنَّ القَليلَ مِن النَّاس هم الذين يَتِّبِعُون الحَقَّ ويُطيعون رَبَّهم، وأنّ الكثرة الباقية لا يؤمِنون بالله ولا يَشكُرونَه ولا يُطيعونَه، فتأمَل! فإذَاً عَمَلُ الكَثرة ليس دليلاً على أنَّهم أصابوا الحَقَّ، ومِن الأقوالِ الرائِعَة لـ (الفُضَيل بن عياض) -رَحِمَه الله- قولُه: "لا تَستوحش طُرقَ الهُدَى لِقِلَةِ أهلها، ولا تَغتَر بكثرة السالكين الهالكين"،

والله المُستعان

فائدة :


وأحِبُّ أن أقولَ للقارئ الكَريم: "البِدعَة تُميتُ السُّنَة؛ فما ظهرت بِدْعَة إلا مُحيت سُنَة"، وبِتَطبيقِ هذا القَول على هذه البِدْعَة نَقول: مِن آثارِ هذه البِدْعَة السَّيئة أنَّها مَحَت سُنَةً حَسَنَةً حَثَنَها عليها النَّبيُ (صلى الله عليه وسلم)؛ حيثُ قال (صلى الله عليه وسلم): "مَن قرأ القُرآن فليسألِ الله به" [حَسن: رواه التِّرمذي]، فيُشرَع للقارئ بعد الفَراغ مِن التِّلاوة أن يتوسَلَ لله بتلاوَتِه؛ فهي تَدخُل في عُموم العَمَل الصالِح الذي يُشرَع التَّوسَّلُ به وسؤالِ الله الحاجات.


                  والله وليُّ التوفيق 
                                لا تنسونا من صالح دعائكم .

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق