القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة خروج الخضر عن شريعة موسى عليه السلام

                  بسم الله الرحمن الرحيم 

ما قصة خروج الخضر عن شريعة موسى عليه السلام ؟

نستطيع القول أن الخضر لم يخرج عن شريعة موسى عليه السلام وليس كما يدعي البعض من خروج الخضر عن موسى عليه السلام وتقسيمهم العلم إلى(علم الشريعة وعلم الحقيقة) او ( علم الظاهر و علم الباطن ) حيث كان سيدنا موسى يمثل علم الشريعة والخضر علم الحقيقة وهذا ادعاء باطل ؛حيث أن الخضر عليه السلام لم يكن من قوم موسى وهذا معلوم عند الناس ؛حيث أن الأنبياء أرسلوا إلى أقوامهم ؛ فمثلا سيدنا شعيب أُرسل الى اهل مدين ( و الى مدين أخاهم شعيباً ) ؛ عدا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة ؛ و ما اختلقوا هذا الامر إلا تسويغا منهم للخروج عن منهج النبي صلى الله عليه و سلم .

وأيضا أن مافعله الخضر لم يكن مخالفاً لشريعة موسى عليه السلام حيث أقرّ موسى عليه السلام ما فعله الخضر بعد أن علم الأسباب التي دعته إلى خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار .

أخرج البخاري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا أعلم، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى إليه: إن لي عبدًا بمجمع البحرين وهو أعلم منك، قال موسى: أي رب! وكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتًا فتجعله بمكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمَّ، فأخذ حوته فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربًا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغداة قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، قال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال: فكان للحوت سربًا ولموسى وفتاه عجبًا، فقال: ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا، قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضي السلام؟ فقال: أنا موسى، فقال: موسى نبي بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: أتيتك لتعلمني مما علمت رشدًا، قال إنك لن تستطيع معي صبرا يا موسى إني على علم من الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه.فقال الخَضِر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا السفينة لم يفاجئا إلا والخضر قد قلع لوحًا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى: قد حملونا بغير نول "أجر" فعهدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟ لقد جئت شيئا إمرا (71) قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا (72) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، قال: وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "فكانت الأولى من موسى نسيانًا"، قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة أو نقرتين، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر". اه 

ليس في القصة خروج عن الشريعة .

-* يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن قصة الخضر مع موسى عليه السلام، ليس فيها خروج عن الشريعة وإن أمثال هذه القصة تَقَعُ كثيرًا للمؤمنين كأن يختص أحد شخصين بعلم سبب يبيح له ذلك والآخر لا يعلم ذلك السبب وإن كان أفضل منه.

وضرب لذلك شخصين دخلا بيتًا لشخص ثالث، وكان أحد الشخصين يعلم طيب نفس صاحب البيت بالتصرف فيه، إما بإذن لفظي له أو بغير ذلك، والآخر لا يعلم ذلك، فالأول إن تصرف في البيت فقد أتى مباحًا في الشريعة، والآخر لا يتصرف فيه بهذا السبب أي حتى لا يأتي محظورًا في الشريعة،

 فخرق السفينة وقتل الغلام وغيره كان من هذا الباب.{مجموع الفتاوى لابن تيمية (ج1 ص426) بتصرف}

* ويزيد شيخ الإسلام الأمر وضوحًا فيقول: فلفظ الشرع والشريعة إذا أريد به الكتاب والسنة لم يكن لأحدٍ من أولياء الله ولا لغيرهم أن يخرج عنه، ومن ظن أن لأحد من أولياء الله طريقًا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم باطنًا وظاهرًا فلم يتابعه باطنًا وظاهرًا فهو كافر، ومن احتج في ذلك بقصة موسى مع الخضر كان غالطًا من وجهين:

أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر ولا كان على الخضر اتباعه، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، وأما محمد صلى الله عليه وسلم فرسالته عامة إلى جميع الثقلين الجن والإنس، ولو أدركه من هو أفضل من الخضر كإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم اتباعه فكيف بالخضر، سواء كان نبيًا أو وليًا؟ولهذا قال الخضر لموسى: "أنا على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه". وليس لأحد من الثقلين الذين بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول مثل هذا.

الثاني: أن ما فعله الخضر لم يكن مخالفًا لشريعة موسى عليه السلام، وموسى لم يكن علم الأسباب التي تبيح ذلك، فلما بينها له وافقه على ذلك، فإن خرق السفينة ثم ترقيعها لمصلحة أهلها خوفًا من الظالم أن يأخذها إحسانًا إليهم وذلك جائز، وقتل الصائل جائز وإن كان صغيرًا.قال ابن عباس رضي الله عنهما لنجدة الحروري لما سأله عن قتل الغلمان قال له: "إن كنت علمت منهم ما علمه الخضر من ذلك الغلام فاقتلهم وإلا فلا تقتلهم". {البخاري}

وأما الإحسان إلى اليتيم بلا عوض والصبر على الجوع فهذا من صالح الأعمال فلم يكن في ذلك شيء مخالفٌ شرع الله. {الفرقان لابن تيمية}فكيف يحتجون على هذا الباطل بخرق الخضر عليه السلام للسفينة، وقتله الغلام الزكي، وإقامته لجدار اليتيمين؟ وإنكار موسى عليه، ويقولون: إن موسى كان من أهل الظاهر، فأنكر، والخضر من أهل الباطن، فأقر، وما دروا أن الخضر فعل ما فعل بأمر الله ووحيه إليه حسب شريعته التي تعبده الله تعالى بها وأن موسى أنكر لأن ما فعله الخضر لا يجوز في شريعة موسى التي تعبده الله تعالى بها كما علمت.ولهذا لما قال له الخضر: إني على علم مما علمني الله، وأنت على علم مما علمك الله، فسكت موسى واطمأن، إذ كانت الشرائع تتعدد بتعدد الرسل، ولم تجتمع الشرائع إلا في شريعة الإسلام حيث نسخ الله كل ما سبقها من الشرائع التي جاءت بها الرسل قبل النبي خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وبذلك بطل العمل بغير شريعة الإسلام التي ظاهرها هو باطنها وباطنها هو ظاهرها، شريعة واحدة لا ثانية لها ولا ثالثة.وبناءً على هذا فإنه لا حجة لهم على تقسيم العلم إلى ظاهر وباطن، والدين الإسلامي إلى شريعة وحقيقة. {إلى التصوف يا عباد الله ص33، 34}ضلال من زعم الاستغناء عن الوحيين بما يجده في قلبه وبما يمليه عليه هواه

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره ما نصه: قال شيخنا أبو العباس: ذهب قوم من زنادقة الباطنية إلى سلوك طريق لا تلزم منه هذه الأحكام الشرعية، فقالوا: هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأنبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النصوص، بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم، ويُحكم عليهم بما يغلب عليهم من خواطرهم.وقالوا: وذلك لصفاء قلوبهم عن الأكدار، وخلوها من الأغيار، فتتجلى لهم العلوم الإلهية، والحقائق الربانية، فيقفون على أسرار الكائنات، ويعلمون أحكام الجزئيات فيستغنون بها عن أحكام الشرائع الكليات، كما اتفق للخضر؛ فإنه استغنى بما تجلى به من العلوم عما كان عند موسى من تلك الفهوم وقد جاء فيما ينقلون "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون".

 قال شيخنا رضي الله عنه: وهذا القول زندقة وكفر، يُقتل قائله ولا يستتاب لأنه إنكار ما علم من الشرائع، فإن الله تعالى قد أجرى سنته، وأنفذ حكمته بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه، وهم المبلغون عنه رسالته وكلامه المبينون شرائعه وأحكامه، اختارهم لذلك وخصهم بما هنالك، كما قال تعالى: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير {الحج: 75}، وقال تعالى: الله أعلم حيث يجعل رسالته {الأنعام: 124}، وقال تعالى: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين {البقرة: 213}، إلى غير ذلك من الآيات .


              والله وليُّ التوفيق 

تعليقات